top of page

( أجراس الخطر ( السمنة لدى الأطفال  

المفهوم التقليدي لسمنة الأطفال

 طفلك : من المسئول عن زيـادة وزنـه ؟ 

! جـدوى منع المأكـولات في المقصـف  

زيادة وزن الطفل او تعرضه للسمنة قضية حساسة يزيد انعكاساتها المستقبلية عاملين اساسيين : تجاهل الأبوين وتغاضيهم أو تفاعلهم معها بالطريقة والمفهوم التقليدي الدارج وكذلك استمرار الجهات الرسمية في تبني قرارات ومشروعات تنطلق من نفس الأفكار القديمة المكررة عديمة الجدوى  

المشكلة : زيادة وزن الطفل مشكلة من العيار الثقيل للفرد والأسرة والدولة و انعكاساتها ليست رأي أو نظرية وانما أرقام ومعدلات تنذر بالخطر. انعكاسات زيادة الوزن والسمنة تشمل نطاق واسع من المضاعفات النفسية والعضوية والاجتماعية أهمها خلق صراع مكبوت لدى صغار السن وتدني الثقة نتيجة الانكار الذاتي والعزلة تجنبا للنظرة والوصمة السائدة حول البدين والبدانه وعدم القدرة على مواكبة اللقاءآت والمجموعات التي تتطلب حراك ونشاط بدني  . أيضا ما تتطلبه الرعاية الصحية والعناية الطبية بالسمنة هو عبء على الأسرة ومحل جدل بين افرادها في النصح والحث على النشاط.  وفي الجانب العضوي فان مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والتعرض لأمراض الجهاز الدوري والقلب من الحالات المتزامنة . يأتي بعد ذلك الكلفة الاقتصادية المطلوبة للتدخل الصحي والطبي خاصة مع ارتفاع معدلاتها . والتغاضي عنها المشكلة من منطلق الرحمة  الأبوية او حماية للطفل من الحرج لا توازي انعكاساتها المتوقعة ومعاناة الفرد مستقبلا وتأثر صحته العامة وتكرار توعكه نتيجة انخفاض المناعة وقابليته المبكرة للتعرض لأمراض متعددة وللأثار النفسية والذاتية وتأثر شخصيته بصورة ربما تشل قدراته على مواجهة ظروف الحياة .
الأسباب : السمنة تتسبب بها عوامل متعددة تشمل الجينات الوراثية والطبيعة الحيوية وتغذية الأم والحامل واسلوب الرضاعة والتغذية في الأشهر والسنوات الأولى من العمر . كما تتأثر بعوامل اجتماعية وبيئية وبالحالة الاقتصادية للأسرة ومستوى الثقافة والوعي الصحي الغذائي اضافة الى درجة تقبل المجتمع وسلوكيات ردة الفعل تجاه الأشخاص زائدي الوزن او البدناء وأيضا مدى توفر المتابعة الرسمية وسن التنظيمات والتعليمات والارشادات التوجيهية فيما يخص الوجبات وكمياتها وطريقة تقديمها في المدارس والمطاعم والمجمعات العامة . وأخيرا فان من أهم العوامل المؤثرة في هذه الظاهرة مستوى المبادرة وحجم الجهود المبذولة وتطبيق اجراءآت الحد منها في مراحل مبكرة قبل الولادة وخلال فترة الرضاعة وفي سن ماقبل المدرسة وما يليها من مراحل العمر.

فشل الحلول : كل المعلومات والحميات المتعارف عليها والهادفة لخفض وزن الجسم والحد من السمنة اعتمدت اساسا على تفسير قانون الديناميكيا الأول بأن " الطاقة لاتفنى ولا تُستحدث " ، وجرى عالميا تطبيقه على الوزن ضمن نظرية معادلة الوزن وخلاصتها ( مايتم تناوله من الطاقة في الغذاء اما ان يُصرف بالعمليات اللاارادية والنشاط الحركي او يخزن في الخلايا الدهنية ) . ولكن هذا المفهوم التقليدي فشل في نقطتين : الأولى ان زيادة الوزن تحدث او تعود رغم خفض الطاقة المستهلكة ، ثانيا : ان المفهوم التقليدي يَحمل المسئولية على الفرد حيث يعتبر أن زيادة الوزن هي من افراطه في تناول الغذاء وتهاونه في زيادة مستوى النشاط والحركة . ويظهر فشل المفهوم التقليدي من الحقيقة العلمية الجديدة وهي : أن هناك نقطة بداية للوزن يسعى الجسم للعودة اليها ، حيث تتقاسم الجسم نزعتين : نزعة الجوع التي تجعله مهما حاول الحد من الطاقة المتناولة الا ان الجسم يستجيب مع الوقت للشعور بالجوع ، والثانية هي ميل الجسم الى خفض مستوى النشاط الذي يتحمله مع انخفاض المتناول من الطاقة، وبذلك يكون المتناول متوافقا مع مستوى نشاط جديد يحافظ على نفس المعادلة وبهذا يعود الوزن لنقطة البداية .

الحقيقة الغائبة ان الطرق الحالية الدارجة والمنتشرة في المجتمع سواء لدى الجمهور او توصيات وتطبيقات الأطباء والمشرفين والمدربين، كل هذه الطرق لم تعد مجدية سواء التي تعتمد على معادلة السعرات الحرارية او التي تجمع بين ذلك وبين ممارسة النشاط الرياضي المكثف . الاشكالية هي أن العمل بها يبدأ من عمر متأخر للشباب دون ان تشمل صغار السن والأطفال كما ان الذين قد يستفيدون من احد هذه الطرق الشائعة ( خفض السعرات المتناولة وحرق سعرات أكثر ، او ممارسة التجويع او النشاط الرياضي المكثف ) كلها تنتهي الى صعوبة استمرارها وبالتالي عودة الوزن الى سابقه عدا نسبة محدودة من الأفراد يمكنهم بهذه الطرق انقاص وزنهم والبقاء على الوضع الجديد ولكن لايمكن المجازفة والرهان على احتمال ان يحدث هذا الاستثناء لكل أحد .

المسئولية : سُمنة الأطفال موضوع شائك يحتاج علاجها الى فهم للممارسات والاساليب التي تبدو متعارضة عند تطبيقها . فمهمة الأبوين والأسرة مثلاً تحتاج تعامل جاد كما تحتاج الى مراعاة وتفهم . أيضا نحتاج الى تدخل نظامي فيما يتناوله الأطفال في المقاصف المدرسية ولكن لا يكون ذلك بالحظر والمنع والحرمان . وتتطلب حس اجتماعي يُشجع الوزن المعتدل بين الأطفال وفي نفس الوقت عدم التلميح او التصريح بما يسيء لنفسياتهم . اذاً السمنة تصبح قضية شائكة عندما نُغفل المستجدات ونأخذ بالدارج وعندما لا يتم الاستعانة بالخبراء ومراكز الخبرة النوعية المختصة بالتغذية . ومن هذا يتبين ان المسئولية عامة كما انها على الأبوين والأسرة وللطفل فيها جهد حسب قدراته وامكانه. ولكن ليس من الوعي الأبوي والأسري والمجتمعي اعتبار زيادة الوزن مؤشر على عجز الطفل وانعدام فهمه او انها مؤشر على سلوكه المراوغ وعصيانه ، خاصة اذا ابدى نوع من التفهم البسيط تبعا لسنه ودرجة ادراكه العام.  

المطلوب : مطلوب أن يعم فهم أحدث في الوسط الرسمي والاجتماعي لمعالجة تفاقم زيادة الوزن والسمنة بين الأطفال قبل المدرسة وفي سنوات الدراسة الأولى ، ولا يصلح ان يستمر الاعتماد على تجارب لم تفلح عالميا . وعلى سبيل المثال فان تركيز الجهد على منع بيع الحلويات او الأغذية والمشروبات السكرية في المقاصف المدرسية او الحماس للاستجابة للمطالبات الاجتماعية بذلك قد يُعتبر أمر مهم  للصحة العامة ولكنه لا يفيد كثيرا في موضوع خفض الوزن مالم تسنده اجراءآت عملية هامة أخرى . فالتجربة العالمية في هذا الباب خرجت بنتائج مُحبِطة نتيجة لعدم اخذ عوامل هامة اخرى في الاعتبار عند تطبيق اجراءآت المنع ومحاصرة السكريات في المقاصف المدرسية . فالطفل بين نزعتي الجوع وانخفاض النشاط الذي اشرت له أعلاه سوف يجد طريقه لتناول كميات اكثر مما تم منعه عنه في المدرسة من المشروبات والأغذية ، كما أن منعها ينعكس باستثارة نفسية غير قابلة لتحكم الطفل تدفع لديه رغبة قوية باستهلاكها ، اضافة الى أن السكريات في الأغذية والمشروبات - رغم تحفزنا الجامح ضدها واعتبارها المتسبب المنطقي - الا انها قد لا تكون كذلك في قضية زيادة الوزن والسمنة . أمام هذا الوضع فالمطلوب التكاتف والمشاركة وتشجيع أي جهد متخصص يُبذل ، وان يتوفر لهذه الجهود دعم فاعل من مؤسسات الدولة ومن المتخصصين والمتحمسين والمهتمين المخلصين . ولإدراكنا أن عمل بهذه الأهمية وهذا الحجم لايمكن لجهة واحدة القيام به  وانه لا يمكن اتمامه بشكل عملي حقيقي ومؤثر الا بتوفر دعم مالي كاف . لهذا نعتبر أن مسئولية كل من يستطيع وأيضا مسئوليتنا في مركز بديل هي التحرك والانتقال من الحديث الى الفعل وفي أقلها المحاولة الجادة للتنوير حول القضية وعرضها على الجميع والسعي لتوفير الدعم والتنفيذ 

bottom of page