top of page

لماذا انقلاب المعلومات

مع تزايد الأمراض ( السكر والضغط والسمنة وكذلك امراض القلب وتصلب الشرايين والجلطات) و الاعتقاد العام بأن الغذاء هو المسبب الرئيس من مكوناته الدهنية والكولسترول . هذا الاعتقاد وحاجة الجمهور الى حماية أنفسهم حدث في وقت كان علم التغذية في بداياته ويعاني ضعف في امكاناته وابحاثه . وقتها لم يكن متوفر غير قانون الطاقة ومعادلة السعرات بين المتناول والمنصرف ، ولهذا اضطر الناس لتطبيق المعادلة على انفسهم الى الدخول في الأساسيات الأكاديمية للمختصين ( مثل : السعرات الحرارية ( الكالوري ) ، مجموعات العناصر الغذائية ، الاحتياجات اليومية ، جداول تركيب الأغذية، جداول الوزن والطول ، مؤشر الكتلة ، نسب مكونات الجسم الخ ) .  أيضا في تلك الفترة أجريت بعض الدراسات الإحصائية التقريبية ( غير المخبرية او الاكلينيكية ) وصدرت منها توصيات امريكية عمت العالم بتجنب الدهون وتفادي ارتفاع الكولستيرول وتم تصميم الهرم الغذائي ، وانتشار الحميات المعتمدة على العد والوزن والقياس . عام 1950م تقريبا انتشرت موجه معلومات نتج عنها توجه وتغيير عالمي ومحلي شمل  تغييرات واضحة في نمط الاستهلاك الغذائي العالمي منها :
1. خفض استهلاك الدهون الحيوانية الى الحد الأدنى ، والتركيز على استهلاك منتجات قليلة او منزوعة الدهون ،
2. تقدير السعرات الحرارية اليومية المستهلكة من الغذاء وصرف أعلى منها في النشاط والحركة ،
3. متابعة قياس مركبات الدهون والكولستيرول و مكونات الجسم الرئيسة ،
4. اعتبار السكري مرض غير قابل للشفاء ، والسمنة علاجها التدخل الجراحي .

من الاشكالات الحيوية لهذا التوجه أن الانسان لكي يحصل على كفايته من الغذاء ، ونتيجة لتجنبه للدهون ومصادر الكولسترول ، اضطر فطريا وربما دون أن يفطن الى تناول كميات عالية لم يعدها الانسان في تاريخه من المواد النشوية والسكرية . ولهذا – رغم هذا التوجه – زاد ارتفاع معدلات الأمراض ولم تقدم هذه التوصيات والحميات حل حقيقي .

في العقدين الأخيرين تطور علم التغذية ودخله مختصون ومعالجون وأطباء باحثون وأجريت دراسات وبحوث ( مخبرية اكلينيكية ) عميقة نشرت في أقوى المجلات الطبية أعطت نتائج معاكسة تماما للإعتقادات والتوصيات والمعلومات السائدة.  وبعد نصف قرن تقريباً تبين ان صحة الناس لم تتحسن بتجنب الدهون بل زادت معدلاتها. وهنا بدأت دراسات مخبرية ومراجعات عميقة تبين منها ان الدراسات القديمة لم تكن نزيهة وان الصناعة الغذائية كانت المستفيد فقد شاعت منتجات خالية من الدهون والكولسترول وزاد الاقبال على النشويات والمنتجات السكرية بأرباحها الخيالية . وخلال السنوات الأخيرة جرت مراجعات علمية قوية غير مسبوقة تبين منها : 
1. الدهون والزيوت المشبعة لا علاقة لها بالأمراض المعاصرة بالشكل والصورة المطروحة حاليا.
2. الكولستيرول لا علاقة لما يتم تناوله بأمراض القلب وثبت أن ارتفاعه في الدم عند عمر معين مؤشر صحي .
3. تغيير طبيعة وتركيب الغذاء بنزع وتخفيض الدهون والكولسترول سبب محتمل في ارتفاع معدل الأمراض 
4. أمراض السكر والضغط والقلب والسمنة جميعها تتأثر بعامل موحد ولذلك سميت " متلازمة التمثيل الحيوي " .
5 . أمراض هذه المتلازمة لا تنتج عن زيادة السعرات ، الكولسترول ، الدهون المشبعة ، نقص الهرمون .
6 . العامل المؤثر الموحد هو  " مقاومة الأنسولين  " . 

تعليق يقوله كثيرون" لو كان طب الأعشاب او العلاجات الطبيعية او انواع الطب البديل صحيحة لتم تسجيلها مثلا في براءة اختراع او اصبحت مقننة بحيث يتم تحريرها في وصفات ويتم صرفها كالأدوية المعروفة . 

هذا الدليل غير صحيح اطلاقا وسبب قوله وتكراره غياب المعلومة . فالأسباب التي تحول دون هذا التسجيل والتقنين متعددة ومن أهمها :

1. منتجات الأعشاب والطب الطبيعي والبديل تقوم على فلسفة عريقة وهي استخدام المواد الكاملة بطبيعتها . ولأنها بالصورة الكاملة منتجات الطبيعة فانه لايمكن لأحد احتكارها في تسجيل او براءة اختراع .

2. صناعة الأدوية الحديثة وتقنينها يعقبه الحصول على موافقة هيئآت دولية معتبرة وهذا يتطلب اجراء بحوث دقيقة طويلة معقدة تكلف ملايين او مليارات الدولارات . الشركات الدوائية تتحمل هذه التكاليف لأنها بعد تصريح الدواء وتسويقه سوف يكون حصريا  للشركة المصنعة وعندها تستطيع الشركة استرداد ما دفعته من تكاليف وتحقيق أرباح طائلة.

أما منتجات الأعشاب والعلاجات الطبيعية ومواد الطب البديل فلأنها كما ذكرنا أعلاه لايمكن احتكارها او تملكها ، لهذا لايعقل لشركة او جهة أن تتحمل تكاليف باهضة لانتاج مواد يمكن لآخرين تكرارها وتسويقها . وهذا جعلها عامة غير مقننة .

3. رغم ان هذه الأنواع من التطبيب والمعالجة لازمت الانسان منذ وجد الا أن البداية القوية والأكاديمية المنظمة للطب الحديث خلال القرنين السابقين وايضا تطور الصناعة الدوائية وما يميزها من الدقة وكفاءة النتائج وسرعة المفعول ( التي ساعدها امكانية الاحتكار والتسجيل ) ، كل هذه العوامل مع الانبهار العالمي تجاهها أدى الى هيمنتها الكاملة واضعاف البدائل الطبيعية الأخرى وبقاء الأخيرة بصورة شعبية ضعيفة التنظيم .  

لماذا لا يتم تسجيل العلاجات الطبيعية ؟

bottom of page