top of page

نتائج صادمة & ضرورة " التغذية الحديثة "

الصورة ( العامة ) القائمة محليا حول التغذية وعلاقة الغذاء بالصحة لن تتمكن من افادة الأفراد والمجتمع في الوقاية والعلاج وحاليا وهو الأهم لن تخدم في مقاومة الأوبئة الفيروسية . فكل ما يتعلق بالتغذية في عمومه هو إعادة استهلاك نظريات ومعلومات قديمة ومسلمات غير ملائمة .هذا يتطلب ادراك هذه الحقيقة والانتقال فكريا وبحثيا للتغذية بصورتها الحديثة .

ظل الباحثون والخبراء ومن خلفهم المجتمعات حول العالم في محاولات يائسة لما يقرب من نصف قرن للاستفادة من نظريات كانت أساس في التغذية ومسلمات كونية مترسخة منها : نظرية توازن الطاقة كأساس مسئول عن زيادة الوزن والنحافة ، نظرية مؤشر السكر الغذائي والحمل السكري في الأغذية والمشروبات المصنعة باعتبار مادة السكر سبب رئيس في السمنة والسكري وجملة أمراض الأيض . يضاف الى ذلك استبعاد مسارات غذائية بعينها لأسباب متعددة أهمها احمال الكولسترول والدهون المشبعة بافتراضها اول أسباب مشاكل الجهاز الدوري وامراض القلب . وأخيرا ما خلقته هذه الصورة المغروسة من شعور عام متزايد في تحميل المسئولية للصناعة الغذائية باتبارها مسئولة عن خريطة الأمراض والصحة المتردية .

هذه الصورة القديمة أصبحت قاعدة انظلاق لعمل بحثي متنوع خرج مؤخرا بنتائج صادمة تشير الى " ضعف الأسس والنظريات والبحوث التي قامت عليها تلك المسلمات والتي ظلت تغذي الشعور والتوجه العام دون رصيد علمي " . ومن هنا بدأت أقلام علمية وهيئآت مراجعات غذائية صحية بطرح رؤية حديثة للتغذية . وبهذا تبلور مفهوم التغذية الحديثة انها " الانسلاخ ما امكن من النظريات السابق ذكرها ومن الافتراضات والمسلمات في اعتبار تلك المواد والأغذية والمركبات سبب في المرض ومشاكل السمنة ، وضرورة الاتجاه الى زوايا أخرى جديدة بدأت بوادر البحوث العلمية تثبت ايجابياتها " .

لا شك انه من الصعب على النظاق الفردي التخلص من أفكار غذائية ومن حلقة معلومات متصلة باتت هي عين المنطق والخروج عنها نشاز لا يمكن فهمه ( تجنب السكر والأغذية المصنعة ونظريات الطاقة والسعرات ومؤشر السكر الغذائي ، والحبوب الكاملة ومسئولية الصناعة الغذائية الخ ).. ولكن هذا كله لا يغير من حقيقة ان تلك البنية المعلوماتية المنزرعة فكرا وتطبيقا لم تقدم نتيجة إيجابية في مؤشرات حاسمة مثل معدل الأمراض ، وتفاقم السمنة والسكري والأمراض المستعصية .

هذا السياق العلمي لا يتعلق بالدعوة الى الشك والفوضى المعلوماتية والتطبيق العشوائي ، وانما يطرح توجه علمي حديث لللارتقاء بفكر المستهلك الى نبذ النصائح والارشادات البالية التي تعود الجميع على اطلاقها واحتوائها وربما تقديسها أيضا . وهذا التحول أساس في مسئولية الفرد و ضروري جدا باعتباره الشعلة لتغيير منهج الرعاية الصحية التي يتلقاها والبحوث العلمية التي تزوده بالجديد ، كما يدفع بتحملها وتحصيلها الجهات الرسمية الى قوانين وتشريعات تخدم صحته وتتجاوز التقليد الدولي والأنظمة الاعتيادية . كما انه طرح علمي موجه لنخبة الخبراء والمهنيين التغذويين ومقدمي الرعاية الصحية بضرورة اجراء مثل هذا الانعطاف العالمي والنظر في علاقات وزوايا صحية غذائية مختفلة .

وأعتقد شبه جازم أن النظرة المجزأة للغذاء ( اي النظر الى العناصر والمركبات بصورة مستقلة ومحاولة تأمينها للجسم في ظل هذا الاختزال والتجزئة ، وايضا النظر الى علاقتها واثرها على الجسم والأمراض بصورتها المنفصلة ( ملاحقة آثر وتأثير المركبات والعناصر على وظائف الجسم واحداث مرض معين ) . كل هذه بحاجة الى اعادة نظر واستبدال هذه النظرة المختزلة بنظرة تحليلية مختلفة ( التفكير بالأثر المترابط للمركبات والعناصر والأغذية وتأثير نوعيتها اكثر من كميتها وأثر اجتماع توفيقات مختلفة منها على الجسم واحداث المرض بدلا من اثر كل منها منفصل فيما نتناوله ) . 

bottom of page