top of page

                                  العلم الصحي التطوري

 

يطلق عليه أحيانًا العلم الدارويني وهو المجال الذي يتقاطع بين التطور والعلم ويستخدم اسس علم الأحياء التطوري لإيجاد طرق للوقاية من الأمراض وعلاجها . والإشكالية الرئيسة الجديرة بالاعتبار ان معظم خبراء الصحة بالفعل لا يعرفون  العلم التطوري ومن المحتمل أن يفشل معظمهم في فهمه . حتى القادة العلميون غالبًا ما يكون لديهم مفاهيم خاطئة جسيمة ذلك لأنهم لا يتعلمون مبادئ علم الأحياء التطوري فتستمر المفاهيم الخاطئة. فالمعروف ان معظم الكليات الصحية والطبية ليس لديها علماء أحياء تطورية في هيئة التدريس ، وقليل من اعضائها يعرفون عن التطور وهذا بالتأكيد أمر مؤسف، ولكن التقدم سريع الآن وسيتم الاعتراف بعلم الأحياء التطوري على نطاق واسع باعتباره علمًا أساسيًا للتغذية والصحة العامة والطب. والأطباء الذين يفهمون كيف أن آليات الإنتقاء هي التي تشكل آليات التنظيم هم اقدر على اتخاذ قرارات أفضل بشأن متى يكون استخدام الأدوية آمنًا . ومع ذلك ، مثل علم الوراثة وعلم الأحياء الدقيقة فإن التطور هو علم أساسي يوفر فهمًا جديدًا يؤدي إلى علاجات جديدة. كما يسعى العلم التطوري الى اكتشاف مالذي في بيئتنا الحديثة يتسبب بالانشارات الجديدة لأمراض المناعة الذاتية مثل مرض السكري والتصلب المتعدد ومرض كرون .

وبهذا فالعلم التطوري ليس ثوريا أو بديلًا او نوعًا خاصًا من الممارسة العلمية، كما انه لا يدعو إلى أي نوع معين من النظام الغذائي أو التمارين أو العلاج ولا يقدم توصيات سريرية مباشرة مبنية على النظرية وحدها . هذا يعني انه إذا ادعى المعالج أنه يمارس العلم التطوري فلابد ان تستند توصياته في العلاج إلى دراسات علمية محكمة اما اذا جائت من نظرية فقط فانه لم ينتمي للعلم التطوري لأن الأخير يتوخى الحذر بشكل كبير بشأن تقديم التوصيات السريرية.

والعلم التطوري يغير فهمنا للأمراض حيث يطرح نوعًا جديدًا من الأسئلة حول المرض. بدلاً من السؤال فقط عن كيفية عمل الأجسام ولماذا يمرض بعض الناس ، يتساءل العلم التطوري أيضًا عن سبب ترك الانتقاء الطبيعي لنا سمات تجعلنا عرضة للإصابة بالأمراض. لماذا لدينا ضروس العقل وضيق الشرايين التاجية وقناة الولادة الضيقة وممر الطعام الذي يعبر القصبة الهوائية؟ . ويشرح التطور سبب امتلاكنا للصفات التي تجعلنا عرضة للإصابة بالأمراض وسبب نجاح العديد من الجوانب الأخرى في الجسم. كما يتساءل العلم التطوري أيضًا عن سبب كون مشاكل الظهر مشكلة لجميع أنواع البشر منذ أن ساروا على قدمين لأول مرة.

والعلم التطوري ايضا يتعلق بالأمراض التي تسببها بيئاتنا الحديثة حيث تنتج معظم الأمراض المزمنة بسبب ضعف استعداد أجسامنا للبقاء بصحة جيدة في البيئات الحديثة  ، ولكن هذا ليس سوى واحد من عدة تفسيرات تطورية لسبب مرضنا. وومع ذلك يستمر التعرض للعدوى لأن مسببات الأمراض تتطور بسرعة كبيرة ولا يمكن القضاء على جميع الطفرات الضارة لأن هناك حدودًا لما يمكن أن يفعله الانتقاء الطبيعي. 

ايضا فان العلم التطوري لا يعتني فقط بنقاط الضعف فالأسئلة حول الضعف ليست سوى جزء واحد من العلم التطوري. يستخدم بعض العلماء أدلة الحمض النووي لتتبع التاريخ التطوري للبشر ومسببات الأمراض. ويستخدم البعض التطور لاكتشاف طرق جديدة لمنع مقاومة المضادات الحيوية وأدوية العلاج الكيميائي للسرطان كما يدرس آخرون سبب عدم قدرة الانتقاء على إزالة بعض الاختلافات الجينية التي تسبب المرض.

ينفي العلم التطوري احتمال ان تكون  الأمراض مفيدة ، فالأمراض ليست تكيفات تتشكل بالاختيار. لا يوجد شيء مفيد فيما يتعلق بالالتهاب الرئوي أو الفصام أو الصرع أو السرطان. إن محاولة فهم الأمراض كما لو كانت تكيفات هو في مضمونه خطأ ، وهو أمر شائع للأسف بقدر ما هو خطير . ومع ذلك ، فإن العديد من أعراض المرض ، مثل الألم والحمى والقيء والسعال والتعب ، هي تكيفات. كما ان الأنظمة التي تنظم مثل هذه الدفاعات ، لأسباب تطورية جيدة ، عرضة للفشل الذي يسبب الألم المزمن واضطرابات القلق والعديد من الأمراض الأخرى.

bottom of page